اعربت عن قلقها من تزايد حالات الفقر..الامم المتحدة:الاقتصاد الفلسطيني سيزداد سوءا على المدى الطويل رغم النمو الحالي
اكد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن الاقتصاد الفلسطيني، سيزداد سوءاً على المدى الطويل رغم النمو الحالي، معربا عن قلقه إزاء التقشف المالي وانعدام الأمن الغذائي وتزايد الفقر وتراجع القطاع الزراعي والآثار السلبية الناجمة عن استمرار الاحتلال وانخفاض الدعم المقدم من الجهات المانحة متوقعا تراجع التنمية الاقتصادية في الأرض الفلسطينية المحتلة على المدى الطويل.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده أمس مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» في جنيف/ سويسرا وبالتعاون مع معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقر الاخير برام الله، لعرض ومناقشة نتائج تقرير الأونكتاد الاقتصادي السنوي لهذا العام الذي سلط الاضواء على الأوضاع الاقتصادية في فلسطين.
نمو خادع واستمرار للخسائر
ووصف ممثل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» في الاراضي الفلسطينية المحتلة مسيف مسيف، النمو الحاصل 9،9٪ عام 2011 منها 23٪ في غزة و 5،2٪ في الضفة بالخادع وغير المستدام بسبب: ان النمو في غزة كان نتيجة اعادة الاعمار والدمار واستخدام الانفاق، وانه كان مقارنة مع وضع اقتصادي سابق وسيئ، بدليل ان معدل الدخل ما زال اقل بـ 10٪ مقارنة بعام 2005، وانخفاض عام في الاجور الحقيقية وانتاجية العمل وبطالة مرتفعة تصل الى 26٪، وانعدام للامن الغذائي بنسبة 2 من كل ثلاثة افراد، والفقر في القدس الشرقية بلغ نسبة 78٪ اعلى منه في الضفة.
قيود على الحركة - تراجع المساعدات - توسع استيطاني
أزمة مالية تحد من النمووأكد مسيف وفقا لنتائج التقرير ان الاقتصاد ما زال يعمل بأقل من طاقته وذلك بسبب، ان غزة ما تزال تحت الحصار، والحواجز بازدياد من 500 حاجز عام 2010 الى 523 عام 2011، وعجز الموازنة ادى الى عدم القدرة على الاصلاح والوفاء بالالتزامات، وانخفاض في دعم المانحين، وتزايد في الاستيطان وخاصة حول القدس وبيت لحم، ادى إلى تفتيت الأرض الفلسطينية إلى «البانتوستانات» أو جيوب مقطعة الأوصال ومنفصلة عن بعضها البعض. وتزايد في هدم البيوت والبنية التحتية، واستمرار الخسائر المالية وتراجع في الانتاج، والاعتماد غير الطوعي في التجارة على اسرائيل والتي تشكل 83٪ من أو عبر إسرائيل، مع عجز تجاري 80٪ مع اسرائيل.
كما اكد ان ارتباط الاقتصاد الفلسطيني المباشر بالاحتلال، أكثر من ارتباطه بالسياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية. حيث ان الاحتلال قضى على جميع فرص التسويق والاستثمار المحلية والخارجية تقريبا، وأدى إلى تآكل الأراضي والموارد الطبيعية المتاحة للفلسطينيين لمزاولة أنشطة منتجة اقتصاديا. وتقتصر الاستثمارات العامة والخاصة على 63 في المائة من أراضي الضفة المعروفة باسم المنطقة «ج»، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بينما لا يزال الحصار الاقتصادي مفروضاً على غزة. وفي ظل هذه الظروف، من الصعب بناء الدولة، وفقاً لما يرد في التقرير. وينبغي أن تركز جميع الجهود على منع المزيد من التعدي على القاعدة الإنتاجية الفلسطينية من خلال المستوطنات والاحتلال، حسبما يذهب إليه التقرير. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي عكس مسار الوضع القائم إلى تمهيد السبيل نحو بناء دولة فلسطينية لديها مقومات البقاء، على النحو المتوخى في قرارات الأمم المتحدة.
وقال مسيف باختصار: استمرار الاحتلال والاثار الاقتصادية والاجتماعية للنظام الاستعماري الاستيطاني هو السبب الرئيسي أمام فشل جهود التنمية الاقتصادية الفلسطينية.
تراجع المعونة والأزمة الاقتصادية يخيمان على آفاق التنمية
واكد التقرير ان المعونة شكلت، في السنوات الأخيرة، عاملا أساسيا لاستدامة الاقتصاد الفلسطيني والحيلولة دون وقوع أزمات اجتماعية اقتصادية أعمق. ويذهب التقرير إلى أن ما لوحظ في عام 2011 ومستهل عام 2012 من تراجع في الدعم المقدم من الجهات المانحة ستكون له تداعيات اجتماعية اقتصادية خطيرة. غير أنه يضيف أن الحساسية الاقتصادية لتقلب مستويات المعونة هي مجرد عارض من عوارض مشكلة التنمية الفلسطينية وليست سببا فيها.
ويشير التقرير إلى استمرار عجز الميزانية الفلسطينية رغم تواصل جهود السلطة الوطنية لخفض الإنفاق وتعزيز الإيرادات الضريبية. ويذهب التقرير إلى أن استمرار الضعف المالي للسلطة ناجم أساساً عن عدم التمتع بالسيادة، وتسرب الإيرادات إلى إسرائيل، وفقدان نواتج وإيرادات ممكنة من جراء التدابير التي يفرضها الاحتلال. وتفاقمت آثار ضعف الإيرادات من جراء تراجع دعم الجهات المانحة الذي يقل بمبلغ 520 مليون دولار عن احتياجات التمويل اللازمة للسلطة الوطنية في عام 2011. ونتيجة لذلك، راكمت السلطة ديوناً ومتأخرات مستحقة للقطاع الخاص. وارتفعت قيمة المتأخرات بمبلغ 540 مليون دولار، وبلغت الديون المستحقة للمصارف المحلية 1.1 مليار دولار - أي 50 في المائة من الإيرادات العامة.
واكد التقرير (على حد تعبير مسيف) أن التقشف المالي، الذي تنادي به بعض الوكالات الدولية، لا يتجاهل أسباب الأزمة وواقع الاحتلال فحسب، بل قد يأتي ايضاً بنتائج عكسية، لأن المضي في زيادة خفض الإنفاق يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي إضافي، فتنكمش القاعدة الضريبية وتتضخم فواتير إنفاق السلطة الفلسطينية في الميدان الاجتماعي. وينبه التقرير إلى أن زيادة الضغط على العمالة والأجور في القطاع العام تهدد بمزيد من الكساد في الاقتصاد، وتقوض التماسك الاجتماعي، وتشكل خطرا على أي تقدم أُحرز في سبيل إرساء الدعائم المؤسسية لدولة فلسطينية لديها مقومات البقاء.
وأكد التقرير أن تبعية الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل ما زالت كبيرة. حيث بلغت التجارة مع إسرائيل أو عبرها حوالي 83 في المائة من مجموع التجارة الفلسطينية في عام 2011، في الوقت الذي شكل فيه العجز التجاري الفلسطيني مع إسرائيل 84 في المائة من العجز الإجمالي في عام 2011. وتحرم هذه التبعية الاقتصادية القسرية الفلسطينيين من مصادر الواردات الأكثر قدرة على المنافسة ومن أسواق التصدير. وتزيد أيضاً من قابلية تأثر الأرض الفلسطينية المحتلة بالتدابير الأمنية والشروط الاقتصادية الإسرائيلية.
بطالة عالية- انخفاض في الإنتاجية والأجور الحقيقية
وبين مسيف انه على الرغم من بعض التحسن في مستوى البطالة عام 2011، الا ان البطالة في الاراضي المحتلة ما زالت مرتفعة وبمستوى 26٪، وانخفض انتاجية العمل 4٪ عام 2011، و أن نمو الاجور الحقيقية اقل من الارتفاع في مستوى التضخم، وان الزيادة في التضخم اكبر من الزيادة في الاجور الحقيقية، وبالتالي هناك تآكل في الدخل وزيادة في الفقر اضافة الى التعامل مع مستوى الاسعار في اسرائيل يزيد الوضع سوءا وللخروج من هذا الوضع يجب ادماج الاقتصاد الفلسطيني في التجارة الاقليمية والدولية.
تزايد الهشاشة المالية بسبب انعدام اليقين فيما يخص الايرادات والمنح
واشار تقرير الاونكتاد الى تراجع في صافي التحويلات الجارية للسلطة 2،4 بليون دولارعام 2011، وهذا اقل بـ 27٪ من مستوى العامين السابقين، ودعم الميزانية بلغ 980 مليون دولار من قبل المانحين، وهذا اقل بـ 520 مليون من المطلوب، لذلك اضطرت السلطة الى الاقتراض واستخدام صناديق التقاعد، حتى بلغت الديون 1،1 مليار دولار، أي ما يعادل 50٪ من الايرادات العامة، ويقدر احتياج التمويل الخارجي 2012 بـ 1،3 بليون دولار لدعم الميزانية منها 300 مليون للتطوير التنموي.
استمرار العجز التجاري والتبعية الاقتصادية لإسرائيل
واظهرت نتائج التقرير ان الصادرات لم تنتعش وما زالت ضعيفة ودون المستوى وهذا يعكس تآكل القدرة الانتاجية، ووجود بيئة غير مشجعة للقطاع الخاص، وقيود على الحركة والتنقل وغياب التسهيلات التجارية.
واكد التقرير ان الصادرات الكلية تشكل 12٪ من الناتج المحلي بما قيمته مليار دولار منها 80٪ الى اسرائيل مع تراجع بنسبة 24٪ عن العامين السابقين، وان الواردات 83٪ من اسرائيل، وبالتالي يشكل العجز التجاري مع اسرائيل 84٪ من العجز الكلي.
وقال مسيف النتيجة هنا وجود تبعية شبه مطلقة لاسرائيل، حرمت الاقتصاد الفلسطيني من تنويع مصادر الواردات تنويع اسواق التصدير، لذلك شدد الاونكتاد على انه لا بد من اعادة توجيه وتنويع التجارة الفلسطينية وتسهيل اندماجها بالمحيط الاقليمي والدولي.
العقبات الرئيسية أمام التنمية
وبين تقرير الاونكتاد ان العقبات الرئيسية التي تقف امام التنمية الفلسطينية تتمثل في قضاء الاحتلال على فرص التسويق وتنويع الاسواق، وتقليص مساحات الاراضي وحجم الموارد الطبيعية، وإحباط الاحتلال لاستثمارات القطاع الخاص عن طريق زيادة التكاليف والتعقيدات الادارية، مع عدم السماح بالاستثمار في مناطق "ج" والتي تشكل 83٪ من مساحة الضفة، مشددا انه لا يمكن للاستثمار والاقتصاد ان يتعافى الا بازالة هذه العقبات.
الزراعة الفلسطينية تحت الحصار
واكد مسيف استنادا الى التقرير أن سنوات طويلة من الاحتلال، ادت الى تآكل هذا القطاع وتراجع قاعته الانتاجية وكذلك تراجع قدرته التشغيلية، حيث اظهرت نتائج التقرير تراجع مساهمته في الناتج من 12٪ الى 5،5٪ للفترة 1995-2011، وقيود على حركة المزارعين والبضائع وعدم وصول المزارعين الى اراضيهم ومصادر المياه، اضافة الى منع حفر الابار، وزيادة في تكاليف الانتاج وانخفاض في ارباح المزارعين، وتآكل منهجي للقاعدة الانتاجية بسبب اقتلاع الاشجار وتجريف الاراضي.
وبينت نتائج تقرير الاونكتاد اقتلاع مليون شجرة في غزة، 600 الف في الضفة للفترة ما بين 2000-2006، واقتلاع 2،5 مليون شجرة في الاراضي الفلسطينية بعد عام 1967،منها 800 الف شجرة زيتون، والاحتلال يسيطر على 63٪ من اراضي الضفة "مناطق ج"، وحوالي 9000 دونم صودرت للجدار، وان اسرائيل تصادر اكثر من 80٪ من المياه الجوفية، ويستورد الفلسطينيون اكثر من 50٪ من المياه من اسرائيل، واضافة الى انهيار قطاع صناعة الصيد في غزة بسبب القيود.
الزراعة والدور الاستيراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة
وقال مسيف على الرغم من الخسائر المتلاحقة لهذا القطاع وانه يعمل بربع طاقته الانتاجية، الا انه اكثر قدرة على المقاومة وله بعد تنموي استراتيجي، وحتى يتم تحقيق استدامة وانتعاش فان الاونكتاد شددت في تقريرها على انه لا بد من ازالة القيود والوصول الى الاسواق يؤدي الى زيادة في القيمة المضافة باكثر من 25٪ في الناتج المحلي، واتخاذ اجراءات تصحيحية بدعم من المجتمع الدولي للتعويض عن خسائر المزارعين، واعداد وتنفيذ برامج اعادة زراعة الاشجار المقتلعة وبرامج ترويجية محليا ودوليا، مؤكدا وجود حاجة ملحة لانشاء مصرف عام للتنمية الزراعية، غير هادف للربح لتمويل وضمان الاستثمار وتقاسم مخاطر الانشطة الزراعية مع تقديم القروض وخدمات التامين للمزارعين، كما يجب ان يقدم هذا المصرف دعم التسويق وخدمات ما بعد الحصاد، اضافة الى تمويل الاستثمار الخاص في الهياكل الاساسية للزراعة والمياه (مثل اعادة بناء الآبار المدمرة وحفر آبار جديدة).
بدوره اوضح مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني «ماس» د. سمير عبد الله، ان التقرير يركز على مؤشرات أداء الاقتصاد الفلسطيني الذي ما زال يعاني من معدلات الفقر والبطالة المرتفعة وغير المسبوقة وتزايد العجز التجاري نتيجة التبعية للاقتصاد الإسرائيلي على الرغم من ارتفاع معدلات النمو، إضافة إلى تراجع دور المعونات الدولية في التنمية الاقتصادية في فلسطين ومدى تأثيرها على الاقتصاد الفلسطيني، كما يتعرض التقرير إلى الأزمة المالية الخانقة التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية.
وقال ان التقرير ركز على أسباب تراجع التنمية، حيث اصبحت قاعدة المصادر التي اتيحت للسلطة بالضعيفة جدا وغير قادرة على تقديم امكانيات النمو اكثر، وبطء وتراجع تدفق المعونات الاجنبية وباتت معونات لادارة النزاع وليس لحله، وشلل وتعطيل عمل القطاع الخاص، اضافة الى جدار الفصل العنصري والاعتداءات الاسرائيلية المتعددة وتأثيرها على المناخ الاستثماري فضلا عن القيود المستمرة على الاستيراد والتصدير .
وأشار الى ان التقرير يقترح رزمة من التوصيات والمشاريع للمساعدة في التنمية الاقتصادية ويستعرض الانجازات التي حققتها أمانة الأونكتاد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]